كما تَكَبّر إبليس أن يسجد لآدم، ورأى أن ذلك يغضُّ منه، ثم رضي أن يكون قَوَّادًا لكل عاصٍ وفاسقٍ.
وكما أَنِفَ (١) عُبّادُ الأصنام أن يكون النبيُّ المرسَلُ إليهم بشرًا، ثم رَضُوا أن يكون إلههُمْ ومعبودُهم حجرًا.
وكما نَزّهت النصارَى بَتَارِكَهم عن الولَدِ والصاحبة، ولم يَتحاشَوْا من نِسبة ذلك إلى الله سبحانه تعالى.
وكما نزّهَت الفرعونية من الجهمية الربَّ سبحانه أن يكون مستويًا على عرشه لئلا يلزَم الحصر، ثم جعلوه سبحانه في الآبار والحانات، وأجواف الحيوانات!
فصل
ومن تلاعب الشيطان بهم: ما شدّدوه على أنفسهم في باب الذبائح وغيرها، مما ليس له أصل عن موسى عليه السلام، ولا هو في التوراة، وإنما هو من أوضاع الحخاميم وآرائهم، وهم فقهاؤهم.
ولقد كان لهذه الأمة في قديم الزمان بالشام والعراق والمدائن مدراسُ وفقهاء كثيرون، وذلك في زمن دولة البابليّين والفُرْس، ودولة اليونان والروم، حتى اجتمع [١٦٩ ب] فقهاؤهم في بعض تلك الدول على تأليف المِشْنَا والتلمود.
فأما المِشْنا فهو الكتاب الأصغر، ومبلغُ حجمه نحو ثمان مئة ورقة.
وأما التلمود فهو الكتاب الأكبر، ومبلغه نحو نِصْف حمل بَغْل لكثرته.