وكذلك السداد، هو إصابة القصد قولاً وعملاً؛ فَمَثَلُهُ مَثَلُ رامي السهم، إذا وقع سهمه في نفس الشيء الذي رماه؛ فقد سدّد سهمه وأصاب، ولم يقع باطلاً، فهكذا المصيب للحق في قوله وعمله بمنزلة المصيب في رميه، وكثيرًا ما يُقْرَنُ في القرآن هذا وهذا.
فمنه قوله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: ١٩٧]؛ أمر الحاجّ بأن يتزودوا لسفرهم، ولا يسافروا بغير زاد، ثم نبههم على زاد سفر الآخرة، وهو التقوى، فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يُبلِّغه إياه، فكذلك المسافر إلى الله والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى، [١٨ أ] فجمع بين الزادين.
ومنه قوله تعالى:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه: ١٢٣]؛ فنفى عنه الضلال الذي هو عذاب القلب والروح، والشقاء الذي هو عذاب البدن والروح أيضًا، فهو منعَّم القلب والبدن بالهدى والفلاح.
ومنه قول امرأة العزيز عن يوسف لما أرَتْهُ النسوةَ اللائمات لها في حُبِّه:{فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}، فأرَتْهُنَّ جماله الظاهر، ثم قالت:{وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}[يوسف: ٣٢]، فأخبرت عن جماله الباطن بعفَّته، فأخبرَتْهن بجمال باطنه، وأرتهُنَّ جمال ظاهره.