للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتادة (١)، والسدّي (٢)، وسعيد بن المسيّب (٣)، وسعيد بن جُبير (٤).

ومعنى ذلك هو أن الله تعالى فَطَر عباده على الفِطْرة المستقيمة، وهي ملّة الإسلام، كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ} [الروم: ٣٠،٣١].

ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود إلا يُولَد على الفِطرة، فأبواه يُهوّدانه، ويُنصّرانه، ويُمجّسانه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بَهيمةً جَمْعَاءَ، هل تُحِسُّون فيها من جَدْعاء؟! حتى تكونوا أنتم تَجْدعونها»، ثم قرأ أبو هريرة: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الآية [الروم: ٣٠]، متفق عليه (٥).

فجمع النبىّ - صلى الله عليه وسلم - بين الأمرين: تغيير الفطرة بالتهويد والتنصير، وتغيير الخِلقة بالجدْع، وهما الأمران اللذان أخبر إبليس أنه لا بد أن يُغيّرهما؛ فغيَّر فطرة الله بالكفر، وهو تغيير الخلقة التي خُلِقُوا عليها، وغير الصورة بالجَدع والبَتْك، فغير الفطرة إلى الشرك، والخِلقة إلى البتك والقطع، فهذا تغيير خلقة الروح، وهذا تغيير خلقة الصورة.


(١) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١٧٣) ـ ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٢١٩) ــ عن معمر عن قتادة، ورواه ابن جرير أيضًا من طريق سعيد عن قتادة.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٢٢٠) من طريق أحمد بن مفضل عن أسباط عنه.
(٣) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٢٨٩)، وتفسير الرازي (١١/ ٣٩).
(٤) رواه سعيد بن منصور في سننه (٦٩١) عن سفيان عن حميد الأعرج عنه، وعزاه في الدر المنثور (٢/ ٦٩٠) لابن المنذر.
(٥) البخاري (١٣٥٨)، ومسلم (٢٦٥٨).