للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الثلاثون: إذا تزوَّجها على أن لا يُخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرّى عليها، فالنكاح صحيحٌ، والشرط لازمٌ.

هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين؛ فإنه صحّ عن عمر (١)، وسعد (٢)، ومعاوية (٣)، ولا مُخالف لهم من الصحابة، وإليه ذهب عامةُ التابعين، وقال به أحمد.

وخالف في ذلك الثلاثة، فأبطلوا الشرط، ولم يوجبوا الوفاء به.

فإذا احتاجت المرأة إلى ذلك، ولم يكن عندها حاكمٌ يرى صحة ذلك ولزومه، فالحيلة لها في حصول مقصودها: أن تمتنع من الإذن، إلا أن تشترط بعد العقد أنه إن سافر بها، أو نقلها من دارها، أو تزوج عليها فهي طالق، أو لها الخيار في المُقام معه، أو الفسخ، فإن لم تثق به أن يفعل ذلك فإنها تطلب مهرًا كثيرًا جدًّا إن لم يفعل، وتطلب ما دونه إن فعل، فإن شرط


(١) علّقه البخاري عن عمر مجزومًا به في كتابي الشروط والنكاح، باب: الشروط في المهر، وباب: الشروط في النكاح، وهو موصول عند عبد الرزاق (٦/ ٢٢٧، ٢٢٨)، وسعيد بن منصور (٦٦٢، ٦٦٣، ٦٨٠)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٩٩، ٤/ ٤٥١)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٢٤٩)، وابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٦٨)، وغيرهم، وصححه الألباني في الإرواء (١٨٩٣).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٢٥٦) وفي غيره من طريق ابن المبارك عن داود بن قيس عن أمه عن سعد، وفيه قصّة، ومن طريق ابن أبي الدنيا رواه ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٦٨ ــ ١٦٩) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٠/ ٣٥٠).
(٣) روى عبد الرزاق (٦/ ٢٢٨)، وسعيد بن منصور (٦٦٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٩٩)، وابن حزم في المحلى (٩/ ٥١٧) من طريق سعيد بن منصور، وغيرهم عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: أتي معاوية في امرأة شرط لها زوجها أن لها دارَها، فسأل عمرو بن العاص فقال: أرى أن يفي لها بشرطها.