للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحزاب: ٦٩]، قال: صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل: أنت قتلته، وكان أشدَّ حبًّا لنا منك، وألْيَنَ لنا منك، وآذوه بذلك، فأمر الله تعالى الملائكة فحملته، حتى مَرّوا به على بني إسرائيل، وتكلّمت الملائكة بموته، حتى عرف بنو إسرائيل أنه قد مات، فَبرّأه الله تعالى من ذلك، فانطلقوا به، فدفنوه، فلم يَطّلع على قبره أحدٌ من خلق الله تعالى إلا الرّخم، فجعله الله تعالى أصمَّ أبكمَ.

وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف: ٥].

وتأمَّل قوله: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}، فإنها جملة في موضع الحال، أي: أتؤذونني وأنتم تعلمون أني رسول الله إليكم؟ وذلك أبلغ في العناد.

وكذلك المسيح قال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: ٦].

فهذا قليلٌ من كثير من أذاهم لأنبيائهم.

وأما أذاهم لهم بالقتل والنفي: فأشهر من أن يُذكر.

ولقد بالغوا في أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجهدهم بالقول والفعل، حتى رَدّهُم الله تعالى [١٧٢ ب] خاسئين.

ومن قَدْحِهم في الأنبياء: ما نسبوه إلى نصّ التوراة: أنه لما أهلك الله أمّة لوطٍ لفسادها، ونجّى لوطًا بابنتيه فقط، ظن ابنتاه أن الأرض قد خَلَت ممن