للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا علم الحاكم أنها ارتدت لذلك لم يُفرّق بينهما، وتكون مرتدةً من حيثُ العقوبة والقتلُ، غير مرتدةٍ من جهة فسادِ النكاح، حتى لو تُوفّيتْ أو قُتلتْ قبلَ الرجوع استحقّ ميراثها، لكن لا يجوز له وطؤها في حال الرّدة؛ فإن الزوجة قد يَحرُم وطؤُها بأسباب من جهتها، كما لو أحرمت.

لكن لو ثبت أنها ارتدت، ثم قالت: إنما ارتددتُ لفسخ النكاح، لم يُقبل هذا؛ فإنه قد يُجعل ذريعة إلى عود نكاح كل مرتدة، بأن تُلَقّن أنها إنما ارتدَّت للفسخ، ولأنها مُتّهمة في ذلك، ولأن الأصل أنها مُرتدة في جميع الأحكام.

فصل

وقد استدل البخاري في «صحيحه» (١) على بطلان الحيل بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

«لا يُجمَعُ بَيْنَ مُتَفَرّقٍ، ولا يُفَرّقُ بين مجتمعٍ، خَشْيَةَ الصدقة». فإن هذا النهي يَعُمّ ما قَبْلَ الحَوْلِ وما بعده.

واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الطاعون: «إذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فِرارًا منه» (٢).

وهذا من دقة فقهه رضي الله عنه؛ فإنه إذا كان قد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الفرار من قَدَر الله تعالى إذا نزل بالعبد رضًا بقضاء الله تعالى وتسليمًا لحكمه؛ فكيف بالفرار من أمره ودينه إذا نزل بالعبد؟

وبأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فَضْلِ الماء يمنع به الكلأ (٣).


(١) برقم (٦٩٥٥).
(٢) برقم (٦٩٧٣).
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٦٢)، ومسلم (١٥٦٦) عن أبي هريرة.