للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدٌ بتسعة عشر، وأنتم الدُّهْمُ؟ أفيعجز كل مئةٍ منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم تخرجون من النار؟ فقال أبو الأشُدَّينِ (١) لعنه الله: يا معشر قريش! إذا كان يوم القيامة فأنا أمشي بين أيديكم على الصراط، فأدفع عشرة بمَنكبي الأيمن، وتسعة بمنكبي الأيسر في النار، ونمضي فندخل الجنة.

فكان ذكرُ هذا العدد فتنةً لهم في الدنيا، وفتنةً لهم يوم القيامة.

والكافرُ مفتونٌ بالمؤمن في الدنيا، كما أن المؤمن مفتون به، ولهذا سأل المؤمنون ربّهم أن لا يجعلهم فتنةً للذين كفروا، كما قال الحنفاء: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الممتحنة: ٤، ٥]، وقال أصحاب موسى: {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: ٨٥].

قال مجاهد (٢): المعنى: لا تعذِّبنا بأيديهم، ولا بعذابٍ من عندك، فيقولوا لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا.


(١) عزاه في الدر المنثور (٨/ ٣٣٣) لابن أبي حاتم عن السدي بنحوه.
(٢) أقوال المفسرين في البسيط للواحدي (٢١/ ٤١١)، وقول مجاهد علّقه البخاري عنه بصيغة الجزم في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة الممتحنة، وهو موصول عند الحربي في غريب الحديث (٣/ ٩٣٩) والطبري في تفسيره (١٥/ ١٦٩، ١٧٠، ٢٣/ ٣١٩، ٣٢٠) وابن أبي حاتم في تفسيره (١٠٥٢٢) من طرق عن مجاهد، وعزاه في الدر المنثور (٤/ ٣٨٢، ٨/ ١٢٩) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.