للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكسور اليد اليُمنَى، أدركته قريشٌ كذلك، فجعلوا له يدًا من ذهب، وكان أولُ مَنْ نصبه خُزَيمة بن مُدْرِكة بن اليأس بن مُضر، وكان في جوف الكعبة، وكان قُدّامه قِدَاحٌ مكتوبٌ في أحدها: صريحٌ، وفى الآخر: مُلْصَقٌ، فإذا شكُّوا في مولودٍ أهدوا له هَدية، ثم ضربوا بالقداح، فإن خرج «صريح» ألحقوه، وإن كان «ملصقا» دفعوه. وكانوا إذا اختصموا في أمرٍ أو أرادوا سفرًا أتوه، فاستقسموا بالقداح عنده، وهو الذي قال له أبو سفيان يوم أُحُدٍ: اعْلُ هُبَلُ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قولوا له: الله أعْلَى وأجَلّ» (١). وكان لهم إسافٌ، ونائِلةُ.

قال هشام (٢): فحدّث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن إسافًا رجلٌ من جُرْهُم يقال له: إسافُ بن يَعْلَى، ونائلةُ بنتُ زيد من جرْهم، وكان يتعشقها في أرض اليمن، فأقبلوا حُجّاجًا، فدخلا البيت، فوجدا غَفْلَةً من الناس وخَلْوةً من البيت، ففَجَر بها في البيت، فمُسِخَا حجرين، فأصبحوا، فوجدوهما مِسْخين، فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما، فعبدتهما خُزاعة وقُرَيش، ومَنْ حجّ البيت بعدُ من العرب.

قال هشام (٣): [١٤١ أ] لما مُسِخا حجرين وُضعا عند الكعبة ليتعظ بهما الناس، فلما طال مُكثهما وعُبدت الأصنام عُبدا معها، وكان أحدهما مُلصقًا بالكعبة، والآخر في موضع زَمزم، فنقلت قريشٌ الذي كان مُلصقًا بالكعبة إلى الآخر، فكانوا يذبحون وينحرون عندهما.


(١) أخرجه البخاري (٤٠٤٣، ٣٠٣٩) عن البراء.
(٢) كتاب الأصنام (ص ٩)، وعنه رواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٥٤).
(٣) كتاب الأصنام (ص ٢٩)، وانظر: تلبيس إبليس (ص ٥٤).