فإن أراد الوصيّ أن يتخلص من ذلك، فالحيلة له: أن يجعل غيره هو الذي يتولى بَيْع التركة، وقَبْضَ الدَّين والإنفاق، ولا يَشْهد على نفسه بوصول شيء من ذلك إليه، فإذا سأله الحاكم قال: لم يَصِلْ إليَّ شيءٌ من التركة، ولا تَصَرّفتُ فيها، فإن كانت التركة قد بِيعَتْ بأمره وقُبض ثمنُها بأمره، وصُرِفَ بأمره، فحلّفه الحاكم إنه لم يقبض، ولم يُوَكّل مَنْ قبض وتصرف وأنفق، فإن كان مُحسنًا قد وضع التركة موضعها ولم يَخُنْ، وسعه أن يتأوّل في يمينه، وإن كان ظالمًا؛ لم ينفعه تأويله.
المثال الثالث والستون: يصحُّ وَقْفُ الإنسان على نفسه، على أصحّ الروايتين، ويجوز اشتراط النظر لنفسه، ويجوز أن يستثني الإنفاق منه على نفسه ما عاش، أو على أهله، وغيرنا يُنازعنا في ذلك، فإذا خاف من حاكم يُبطل الوقف على هذا الوجه:
فالحيلة له: أن يُمَلّكه لولده أو زَوْجته، أو أجنبيٍّ يَقِفُه عليه، ويشترط له النظر فيه، وأن تُقدّم على غيره من الموقوف عليهم بِغَلَّتِه، أو بالإنفاقِ عليه، فيصحّ حينئذٍ، ولا يبقى للاعتراض عليه سبيل.
المثال الرابع والستون: إذا اشترى جاريةً وقبضها، فوجد بها عَيْبًا، ولم يكن نَقَد ثمنها، فأراد رَدّها، فصالحه البائعُ على أن يأخذ البائع الجارية بأقل من الثمن الذي اشتراها به.
فقال القاضي: لا يجوز ذلك؛ لأن هذا في الصلح بمعنى البيع، وبيعُ المبيع من بائِعه بأقلَّ من ثمنه لا يجوز؛ لأنه ذَريعة إلى الرّبا، وهو كمسألة العِينة، فإن كان قد حدثَ بالجارية عيبٌ عند المشتري جاز ذلك؛ لأن مقدار الحَطّ يكون بإزاء العيب الذي حَدَثَ عند المشتري، فلا يؤدي إلى مسألة العِينة.