وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يَحمِل هذا العلمَ من كل خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»(١).
فأخبر أن الغالين يُحرِّفون ما جاء به، والمبطلين ينتحلون أن باطلهم هو ما كان عليه، والجاهلون يتأوّلونه علي غير تأويله. وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاثة، فلولا أن الله سبحانه يقيم لدينه من ينفي عنه ذلك، لجرى عليه ما جرى على أديان الأنبياء قبله من هؤلاء.
(١) رواه ابن وضاح في البدع (١)، والعقيلي في الضعفاء (٤/ ٢٥٦)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ١٧)، وابن حبان في الثقات (٤/ ١٠)، والآجري في الشريعة (١، ٢)، وابن عدي في الكامل (١/ ١١٨، ١٤٦ - ١٤٧، ٢/ ٧٩)، وغيرهم من طرق عن معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرفوعًا، وهذا مرسل أو معضل، ووقع في سنده اضطراب، ومُعان ليّن الحديث كثير الإرسال؛ ولذا ضعَّفه ابن القطان في بيان الوهم (٣/ ٤٠)، والأبناسي في الشذا الفياح (١/ ٢٣٩)، وقال ابن كثير في الباعث الحثيث (١/ ٢٣٨): «في صحته نظر قوي، والأغلب عدم صحته»، وفي الباب عن ابن عباس وابن عمرو وأبي هريرة وجابر بن سمرة وعلي وابن عمر وأنس وأبي أمامة وأبي الدرداء ومعاذ وابن مسعود، قال العراقي في التقييد والإيضاح (ص ١٣٩): «كلها ضعيفة، لا يثبت منها شيء، وليس فيها شيء يقوّي المرسل»، وروى الخلال في العلل ــ كما في مفتاح دار السعادة (١/ ١٦٤) ــ عن مهنا قال: سألت أحمد عن حديث معان عن إبراهيم العذري فقلت لأحمد: كأنه موضوع! قال: لا هو صحيح. وممن ذهب إلى تقويته بتعدّد طرقه ابن القيم في طريق الهجرتين (ص ٥٢٢)، والزركشي في النكت (٣/ ٣٣٤)، وقال القاسمي في قواعد التحديث (ص ٤٩): «تعدد طرقه يقضي بحسنه كما جزم به العلائي».