وذلك يستلزم كمال الخلقة وحسنها وجمالها، فإن العاهة والآفة إنما تكون من ضعف الخلقة والتركيب، فهي قوة وصحة تتضمن جمالًا وحسنًا، والله تعالى أعلم.
وقالت اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ صاحبك الذي يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس من نبيٌّ إلا يأتيه مَلَكٌ بالخبر؟ قال:«هو جبريل». قالوا: ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال، ذاكَ عَدُوُّنا، لو قلت: ميكائيل الذي ينزل بالنبات والقطْر والرحمة! فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} إلى قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: ٩٧، ٩٨](١).
والمقصود أن الله سبحانه وَكّل بالعالم العُلوي والسفليّ ملائكةً عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام، فهي تُدَبِّر أمر العالم بإذنه ومشيئته وأمره، فلهذا يُضيف التدبير إلى الملائكة تارةً لكونهم هم المباشرين للتدبير،
(١) رواه أحمد (١/ ٢٧٤) ــ ومن طريقه الضياء في المختارة (١٠/ ٦٩) ــ والنسائي في الكبرى (٩٠٧٢) وابن أبي حاتم في تفسيره (٩٥٢) والطبراني في الكبير (١٢/ ٤٥) ــ وعنه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٠٥) ــ وغيرهم من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال ابن منده في التوحيد (٤٤): «هذا إسناد متصل ورواته مشاهير ثقات». ورواه الطيالسي (٢٧٣١) وابن سعد في الطبقات (١/ ١٧٤ ـ ١٧٦) وأحمد (١/ ٢٧٨) والطبري في تفسيره (١٦٠٥) والطبراني في الكبير (١٢/ ٢٤٦) من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس نحوه، وحسنه البوصيري في إتحاف الخيرة (٧/ ٣٤)، وروِي عن شهر مرسلًا. وورد بمعناه من طريق الضحاك عن ابن عباس. وورد هذا السبب أيضًا عن القاسم بن أبي بزّة ومجاهد وقتادة مرسلًا.