للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحيلة الخامسة: أن يجتمعا على عَرَفات، فإذا وقف بها على الجبل لم تَحتجْ بعد ذلك إلى زوج آخر عندهم.

وقد سُئلنا نحن وغيرنا عن ذلك، وسمعناه منهم!

فصل

واعلم أن من اتقى الله في طلاقه، فطلَّق كما أمره الله ورسوله وشرعه له، أغناه عن ذلك كله، ولهذا قال تعالى بعد أن ذكر حُكم الطلاق المشروع: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]؛ فلو اتّقى اللهَ عامةُ المطلقين لاستغنوا بتقواه عن الآصار والأغلال، والمكر والاحتيال؛ فإن الطلاق الذي شرعه الله سبحانه أن يُطلِّقها طاهرًا من غير جماع، ويطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عِدّتُها فإن بَدَا له أن يُمسكها في العِدّة أمسكها، وإن لم يراجعها حتى انقضت عدَّتها أمكنه أن يستقبل العَقْد عليها من غير زوج آخر، وإن لم يكن له فيها غرض لم يَضرَّه أن تتزوج بزوج غيره، فمن فعل هذا لم يندم، ولم يَحْتَجْ إلى حيلة ولا تحليل.

ولهذا سُئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته مئةً؟ فقال: عَصَيْتَ ربَّك، وفارقت امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجًا (١).

وقال سعيد بن جُبير (٢): جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إني طلقت


(١) رواه الطحاوي في شرح المعاني (٤١٤٣)، والطبراني في الكبير (١١/ ٩٥)، والدارقطني (٤/ ١٣)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٣٣١، ٣٣٧)، وصحّحه الألباني في الإرواء (٢٠٥٦).
(٢) رواه عبد الرزاق (٦/ ٣٩٧)، وابن أبي شيبة (٤/ ٦٢)، والطحاوي في شرح المعاني (٤١٤١، ٤١٤٢)، والدارقطني (٤/ ١٢ - ١٤)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٣٣٢)، وغيرُهم من طرق عن سعيد بن جبير به بألفاظٍ متقاربة، وفي بعضها أنه طلّق ألفًا ومائة، وفي أخرى أنه طلّق مائة، قال ابن حزم في المحلى (١٠/ ١٧٢): «هذا الخبر في غاية الصحة»، وصحّحه الألباني في الإرواء (٢٠٥٧).