للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الكفارة، ولا يَحِلّ له أن يضرِبها، لا مُفرّقًا ولا مجموعًا.

فإن قيل: فإذا كان الضربُ واجبًا كالحدّ، هل تقولون: ينفعه ذلك؟

قيل: إما أن يكون العذُر مرجوَّ الزوالِ، كالحَرّ والبرد الشديد والمرض اليسير، فهذا يُنتظرُ زواله، ثم يحدّ الحدّ الواجب، كما روى مسلم في «صحيحه» (١) عن علي رضي الله عنه: أن أمَةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زَنَتْ، فأمرني أن أجلدها، فأتيتها، فإذا هي حديثةُ عهد بنِفاس، فخشِيْتُ إن جَلدتُها أن أقتلها، فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أحسنتَ، اترُكْها حتى تَماثَلَ».

فصل

وأما حديث بلال في شأن التمر، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: «بع التمرَ بالدراهم، ثم اشترِ بالدراهم جَنيبًا» (٢).

فقال شيخنا: ليس فيه دلالة على الاحتيال بالعقود التي ليست مقصودة، لوجوه:

أحدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يبيعَ سِلْعته الأولى، ثم يبتاعَ بثمنها سِلعةً أخرى، ومعلوم أن ذلك إنما يقتضي البيعَ الصحيح، ومتى وُجِد البيعان على الوجه الصحيح جاز ذلك بلا ريب، ونحن نقول: كلُّ بيع صحيح يُفيد الملك.

لكن الشأن في بُيوع قد دلّت السنةُ وأقوالُ الصحابة على أن ظاهرها وإن كان بيعًا فإنها ربًا، وهى بيع فاسد، ومعلوم أن مثل هذه لا تدخل في الحديث، ولو اختلف رجلان في بيع مثل هذا، هل هو صحيح أو فاسد؟


(١) برقم (١٧٠٥).
(٢) تقدم تخريجه.