المثال الثالث: قوله في التوراة: «جاء الله تعالى من طور سَيْناء، وأشرق نوره من سيعير، واستعْلَن من جبال فاران، [١٧٦ ب] ومعه ربوات المقدسين».
وهم يعلمون أن جبل سيعير هو جبلُ السَّرَاةِ، الذي يسكنه بنو العيص، الذين آمنوا بعيسى، ويعلمون أن في هذا الجبل كان مقام المسيح، ويعلمون أن سيناء هو جبل الطور.
وأما جبال فاران: فهم يحملونها على جبال الشام وهذا من بَهتهم وتحريف التأويل.
فإن جبال فاران هي جبالُ مكة، وفاران اسمٌ من أسماء مكة، وقد دلّ على هذا نص التوراة: أن إسماعيل لما فارق أباه سكن في بَرّية فاران.
ولفظ التوراة:«أن إسماعيل أقام في بريَّة فاران، وأنكحته أمُّه امرأةً من أرض مصر».
فثبت بنصّ التوراة أن جبال فاران مسكن لولد إسماعيل، وإذا كانت التوراة قد أشارت إلى نبوةٍ تنزل على جبال فاران لزم أنها تنزل على ولد إسماعيل، لأنهم سُكَّانها.
ومن المعلوم بالضرورة أنها لم تنزل على غير محمد - صلى الله عليه وسلم - من ولد إسماعيل عليه السلام.