والمعين عليه شريك للفاعل، لكن لمَّا هان عليهم دينُ الإسلام، وكان السُّحت الذي يأخذونه منهم أحبَّ إليهم من الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام، أقَرّوهم على ذلك، ومكّنوهم منه.
فصل
والمقصود: أن دين الأمّة الصّليبية بعد أن بعث الله تعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، بل قَبْلَه بنحو ثلاث مئة سنة، مبنيٌّ على مُعاندة العقول والشرائع، وتنقُّصِ إله العالمين ورَمْيه بالعظائم، فكل نصراني لا يأخذ بحظّه من هذه البليّة فليس بنصراني على الحقيقة.
أفليس هو الدِّين الذي أسَّسه أصحاب المجامع المتلاعنين على أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد؟
فيا عجبًا! كيف رضي العاقل أن يكون هذا مبلغَ عقله، ومنتهى علمه؟
أتُرَى لم يكن في هذه الأمة مَنْ يَرْجِعُ إلى عقله وفطرته، ويعلم أن هذا عين المحال، وإن ضربوا له الأمثال، واستخرجوا له الأشباه، فلا يذكرون مثالًا ولا شبهًا إلا وفيه بيان خطئهم وضلالهم؟ كتشبيه بعضهم اتحاد اللاهوت بالناسوت وامتزاجه به، باتحاد النار والحديد، وتمثيل غيرهم ذلك باختلاط الماء باللبن، وتشبيه آخرين ذلك بامتزاج الغذاء واختلاطه بأعضاء البدن، إلى غير ذلك من الأمثال والمقاييس، التي تتضمن امتزاج حقيقتين واختلاطهما، حتى صارا [١٦٠ ب] حقيقة أخرى ــ تعالى الله عز وجل عن إفكهم وكذبهم.