المثال العاشر: إذا زرع أرضه، ثم أراد أن يُؤجِرها، والزرعُ قائم، لم يجز؛ لتعذُّر انتفاع المستأجر بالأرض.
وطريق تصحيحها: أن يبيعه الزرع، ثم يؤجِره الأرض، فإن أحبّ بقاء الزرع على ملكه قَدّر لكماله مُدة معينةً، ثم آجَره الأرض بعد تلك المدة إجارة مُضافة.
فإن خاف أن يفسخ عليه العقد حاكمٌ يرى بُطلان هذه الإجارة، فالحيلةُ: أن يبيعه الزرع، ثم يؤجره الأرض، فإذا تم العقد اشترى منه الزرع، فعاد الزرع إلى ملكه، وصحت الإجارة.
المثال الحادي عشر: إذا أراد أن يُؤجِرهُ الأرض على أن خراجها على المستأجر لم يصح؛ لأن الخراج تابعٌ لرقْبَة الأرض، فهو على مالكها، لا على المنتفع بها من مُستأجر، أو مستعير.
وطريق الجواز: أن يُؤجِره إياها بأجرة زائدة على أجرة مثلها، بقدر خراجها، ثم يُشهد عليه أنه قد أذن للمستأجر أن يدفع من أجرة الأرض في الخراج كل سنةٍ كذا وكذا.
وكذلك لو استأجر دابةً على أن يكون عَلَفها على المستأجر لم يصح.
وطريق الحيلة: أن يستأجرها بشيء مسمَّى، ثم يُقَدّر له ما تحتاج إليه الدابة، ويُوكّله في إنفاقه عليها.
والقياس يقتضي صحة العقد بدون ذلك، فإنَّا نصحّح استئجار الأجير بطعامه وكسوته، كما آجَرَ موسى عليه السلام نفسَه بعِفّة فَرْجِه وشِبَع بَطْنِه، فكذلك يجوز إجارة الدابة بعلفها، وكما يجوز أن يكون عَلَفُها جميع الأجرة يجوز أن يكون بعض الأجرة، والبعض الآخر شيءٌ مسمًّى.