للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان كمال العبد في أن يكون عالمًا بالحق، متَّبعًا له، معلِّمًا لغيره، مرشدًا له، قال: «اجعلنا هُداة مهتدين».

ولما كان الرضا النافع المحصِّل للمقصود هو الرضا بعد وقوع القضاء لا قبله ــ فإن ذلك عَزْمٌ على الرضا، فإذا وقع القضاء انفسخ ذلك العزم ــ سأل الرضا بعده؛ فإن المقدور يكتنفه (١) أمران: الاستخارة قبل وقوعه، والرضا بعد وقوعه، فمن سعادة العبد أن يجمع بينهما، كما في «المسند» وغيره (٢) عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن من سعادة ابن آدم: استخارة الله، ورضاه بما قضى الله، وإن من شقاوة ابن آدم: ترك استخارة الله، وسخطه بما قضى الله».

ولما كانت خشية الله رأس كل خير في المشهد والمغيب، سأله خشيته في الغيب والشهادة.

ولما كان أكثر الناس إنما يتكلم بالحق في رضاه، فإذا غضب أخرجه غضبه إلى الباطل، وقد يدخله أيضًا رضاه في الباطل، سأل الله أن يوفِّقه لكلمة الحق في الغضب والرضا، ولهذا قال بعض السلف: «لا تكن ممن


(١) م: «يكشفه».
(٢) مسند أحمد (١/ ١٦٨) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ورواه أيضًا الترمذي (٢١٥١)، والبزار (١٠٩٧، ١١٧٨)، وأبو يعلى (٧٠١)، والبيهقي في الشعب (١/ ٢١٩)، قال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد ابن أبي حميد، ويقال له أيضًا: حماد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم المدني، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث»، وضعّفه الذهبي في الميزان (٣/ ٥٣١)، والهيثمي في المجمع (٢/ ٥٦٦)، والعيني في عمدة القاري (٧/ ٢٢٣)، وأحمد شاكر في التعليق على المسند (٣/ ٢٨)، وصححه الحاكم (١٩٠٣)، وحسَّنه ابن حجر في الفتح (١١/ ١٨٤)، وهو في السلسلة الضعيفة (١٩٠٦، ٦٢١٢).