للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، ولا تركتُ من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم به» (١). «تركتكم على البيضاء، ليلُها كنهارها، لا يَزيغ عنها بعدي إلا هالك» (٢).

فهلّا ندبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحِيَل، وحَضّ عليها، كما حضّ على إصلاح ذات البَيْنِ؟

بل لم يزل يُحذّر من الخداع، والمكر، والنفاق، ومشابهة أهل الكتاب باستحلال محارمه بأدنى الحيل.

ولو كان مقصود الشارع إباحة تلك المحرمات، التي رَتّب عليها أنواع الذم والعقوبات، وسدّ الذرائع الموصّلة إليها، لم يحرمها ابتداءً، ولا رتَّب عليها (٣) العقوبة، ولا سدَّ الذرائع إليها، ولكان تركُ أبوابها مُفَتَّحةً أسهل من المبالغة في غلقها وسدِّها، ثم يفتح لها أنواع الحيل، حتى يُنقّب المحتال


(١) ذكره بهذا اللفظ ابن تيمية كما في المجموع (٥/ ١٥٦، ٦/ ٣٦٨، ٢٧/ ٣٧٢) وصححه (١١/ ٦٢٢)، ورواه ابن أبي شيبة (٧/ ٧٩)، وابن راهويه كما في إتحاف الخيرة (٢٧٢٢)، وهناد في الزهد (٤٩٤)، والبيهقي في الشعب (٧/ ٢٩٩)، والبغوي في شرح السنة (٤١١١، ٤١١٣)، وغيرهم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بنحوه، وفي إسناده اختلاف، وقال البوصيري وابن حجر في المطالب العالية (٥/ ٥٧٦): «فيه انقطاع»، ورواه الحاكم (٢١٣٦) من طريق سعيد بن أبي أمية الثقفي عن يونس بن بكير عن ابن مسعود، وهو في السلسلة الصحيحة (٢٨٦٦). وفي الباب عن أبي ذر وعن المطلب بن حنطب وعمران صاحب معمر.
(٢) هو جزء من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه في موعظة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- البليغة، وقد تقدم تخريجه. وفي الباب عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٣) «عليها» ساقطة من م.