ومنها: تخليل الخمر كما ذكره شيخنا رحمه الله، والله أعلم.
فتلخَّص أن الحيل نوعان: أقوال، وأفعال.
فالأقوال يشترط لثبوت أحكامها العَقْلُ، ويُعتبر فيها القَصْد، وتكون صحيحةً تارةً، وفاسدةً أخرى.
ثم ما ثبت حكمه؛ منه ما يمكن فسخُه ورَفعه بعد وقوعه، كالبيع والنكاح؛ ومنه مالا يمكن فيه ذلك، كالعتق والطلاق.
فهذا الضّرب إذا قُصد به الاحتيال على فعل مُحرّم أو إسقاط واجب أمكن إبطاله؛ إما من جميع الوجوه، وإما من الوجه الذي يُبطِل مقصود المحتال، بحيث لا يترتبُ عليه الحكم المحتالُ على حصوله، كما حكم به الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في طلاق الفارّ.
وأما الأفعال فإن اقتضت الرّخصة للمحتال لم تحصل، كالسفر للقصر والفِطْرِ، وإن اقتضت تحريمًا على الغير فإنه قد يقعُ، وتكون بمنزلة إتلافِ النفس والمال، وإن اقتضت حِلًا عامًا إما بنفيها أو بواسطة زَوالِ الملك، فهذه مسألةُ القتل، وذبح الصيد للحلال، وذبح المغصوب للغاصب.
وبالجملة، فإذا قُصد بالفعل استباحةُ مُحرّمٍ لم يَحلّ له، وإن قُصِدَ إزالةُ مُلكِ الغير ليَحِلّ له فالأقيسُ أنه لا يحلّ له أيضًا، وإن حلّ لغيره.
وقد دخل في القسم الأول احتيالُ المرأة على فسخ النكاح بالرّدة، فهي لا تمشي غالبًا إلا عند مَنْ يقول: الفُرقة [٨٣ أ] تتنجز بنفس الرّدة، أو يقول بأنها لا تُقتلُ، فالواجب في مثل هذه الحيلة أن لا ينفسخ بها النكاح.