للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم في شكّهِم يَعْمَهُون، وفى حَيْرتهِم يتردَّدون، نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما تَلَتْه (١) الشياطين على ألسنة أسلافهم من أهل الضلال، فهم إليه يتحاكمون، وبه يتخاصمون، فارقوا الدليل، واتبعوا {أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: ٧٧].

فصل

ومن كيده بهم وتحيُّله على إخراجهم من العلم والدين: أن ألقى على ألسنتهم أن كلام الله ورسوله ظواهر لفظية لا تفيد اليقين، وأوحى إليهم أن القواطع العقلية والبراهين اليقينية في المناهج الفلسفية والطرق الكلامية، فحال بينهم وبين اقتباس الهدى واليقين من مِشْكاة القرآن، وأحالهم على منطق اليونان، وعلى ما عندهم من الدعاوى الكاذبة العَرِيَّة عن البرهان، وقال لهم: تلك علوم قديمة صَقَلتها العقول والأذهان، ومَرّتْ عليها القرون والأزمان. فانظر كيف تلطَّف بكيده ومكره حتى أخرجهم من الإيمان والدين، كإخراج الشعرة من العجين!

[٣٦ أ] فصل

ومن كيده: ما ألقاه إلى جُهَّال المتصوفة من الشَّطح والطامَّات، وأبرزه لهم في قالب الكشف من الخيالات، فأوقعهم في أنواع الأباطيل والتُّرَّهات، وفتح لهم أبواب الدعاوى الهائلات، وأوحى إليهم أن وراء العلم طريقًا إن سلكوه أفضى بهم إلى كشف العِيان، وأغناهم عن التقيُّد بالسنة والقرآن.


(١) ح، ش: «تتلو»، م: «تمليه».