للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومن كيد عدو الله: أنه يخوِّف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر؛ وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا؛ فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥].

المعنى عند جميع المفسرين: يُخوِّفكم بأوليائه.

قال قتادة: «يُعظِمهم في صدوركم» (١).

ولهذا قال: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوف أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان قوي خوفه منهم.

ومن مكايده: أنه يسحر العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يَسْلَم من سحره إلا من شاء الله، فيزيّن له الفعل الذي يضره، حتى يخيَّل إليه أنه من أنفع الأشياء له، ويُنفّره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيَّل له أنه يضره.

فلا إله إلا الله! كم فُتن بهذا السحر من إنسان! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جمَّل (٢) الباطل وأبرزه في صورة


(١) لم أقف عليه من تفسير قتادة، وورد نحوه عن السدي عند ابن جرير في تفسيره (٧/ ٤١٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤٥٣٥) من طريق أحمد بن مفضّل عن أسباط عنه، وعن أبي مالك عند ابن أبي حاتم (٤٥٣٤) من طريق سليمان بن كثير عن حصين عنه قال: «يعظِّم أولياءَه في أعينكم».
(٢) ح: «حلا». م: «جلا».