للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا تَرَوْنَ}، وكذب في قوله: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ}، والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له ولا مَنَعَة، فأوردهم وأسلمهم، وكذلك عادة عدو الله بمن أطاعه».

وقالت طائفة: «إنما خاف بَطْشة الله به في الدنيا، كما يخاف الكافر والفاجر أن يُقتل أو يُؤخذ بجرمه، لا أنه خاف عقابه في الآخرة».

وهذا أصحُّ، وهذا الخوف لا يستلزم إيمانًا ولا نجاةً.

قال الكلبي (١): «خاف أن يأخذه جبريل، فيُعرِّفهم حاله، فلا يطيعونه».

وهذا فاسد؛ فإنه إنما قال لهم ذلك بعد أن فرّ ونكصَ على عقبيه؛ إلا أن يريد أنه إذا عرف المشركون (٢) أن الذي أجارهم وأوردهم إبليس لم يطيعوه فيما بعد ذلك، وقد أبعد النُّجْعَة إن أراد ذلك، وتكلّف غير المراد.

وقال عطاء (٣): «إني أخاف الله أن يُهلكني فيمن يُهلك».

وهذا خوف هلاك الدنيا، فلا ينفعه.

وقال الزجَّاج (٤)، وابن الأنباري: «ظن أن الوقت الذي أُنظر إليه قد حضر. زاد ابن الأنباري، قال: أخاف أن يكون الوقت المعلوم الذي يزول معه إنظاري قد حضر؛ فيقع بي العذاب، فإنه لما عاين الملائكة خاف أن يكون وقت الإنظار قد انقضى، فقال ما قال إشفاقًا على نفسه».


(١) انظر: تفسير الثعلبي (٤/ ٣٦٦)، وتفسير البغوي (٣/ ٣٦٧).
(٢) في الأصل وأكثر النسخ: «المشركين». والمثبت من ح.
(٣) انظر: تفسير الثعلبي (٤/ ٣٦٦)، وتفسير البغوي (٣/ ٣٦٦)، وزاد المسير (٣/ ٣٦٧).
(٤) معاني القرآن (٢/ ٤٢١).