للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخافة أن أتقدم على ما هو أعظم منه.

قال سفيان (١): وقال الملكان: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: ٢٢]، أرَادَا مَعْنَى شيء، ولم يكونا خَصْمَين، فلم يصيرا بذلك كاذبين، وقال إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٩]، وقال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: ٦٣]، وقال يوسف عليه السلام: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}، أراد بمعنى أخيهم (٢).

فبيّن سفيان أن هذا كله من المعاريض المباحة، مع تسميته كذبًا، وإن لم يكن في الحقيقة كذبًا.

وقد احتج بعضُ الفقهاء بقصة يوسف على أنه يجوز للإنسان التوصّلُ إلى أخذ حقِّه من الغير، بما يمكنه الوصول إليه بغير رضا من عليه الحق.

قال شيخنا (٣) رحمه الله: وهذه الحجة ضعيفة؛ فإن يوسف عليه السلام لم يكن يملك حبسَ أخيه عنده بغير رضاه، ولم يكن هذا الأخ ممن ظلم يوسف، حتى يقال: قد اقتصّ منه، وإنما سائر الإخوة هم الذين كانوا قد فعلوا ذلك، نعم كان تخلّفه عنهم مما يؤذيهم لتأذّي أبيهم، وللميثاق الذي


(١) ذكره بهذا اللفظ ابن تيمية في بيان الدليل (ص ٢١٠)، ورواه ابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ٢٥٠، ٢٥١) بنحوه. وفيه: «وإنما أرادا الخير والمعنى الحسن». وهو أوضح.
(٢) كذا في الأصل. وفي بعض المراجع: «معنى أمرهم».
(٣) في بيان الدليل (ص ٢١١).