للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنبَّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «اللهم طهِّرْني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» على شدة حاجة البدن والقلب إلى ما يُطهّرُهما ويُبرِّدهما ويقوّيهما، وتضمن دعاؤه سؤالَ هذا وهذا، والله أعلم.

وقريبٌ من هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك» (١).

وفي هذا من السر ــ والله أعلم ــ أن النّجْوَ يُثقِل البدنَ ويؤذيه باحتباسه، والذنوب تُثقِل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مُؤذيان مُضِرَّان بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجه على خلاصه منْ هذا المؤذي لبدنه، وخفة البدن وراحته، وسأله أن يُخلِّصه من المؤذي الآخر ويُرِيح قلبه منه ويخففه.

وأسرار كلماته وأدعيته - صلى الله عليه وسلم - فوق ما يخطر بالبال.

فصل

وقد وسَم الله سبحانه الشرك والزنى واللواط بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب، وإن كانت مشتملة على ذلك، لكن الذي وقع في القرآن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]، وقوله في حق اللوطية: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي


(١) رواه أحمد (٦/ ١٥٥)، والبخاري في الأدب المفرد (٦٩٣)، وأبو داود (٣٠)، والترمذي (٧)، وابن ماجه (٣٠٠)، وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود (٤٢)، وابن خزيمة (٩٠)، وابن حبان (١٤٤٤)، والحاكم (٥٦٢)، والنووي في المجموع (٢/ ٧٥) وفي غيره، وابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٣٩٤) وفي غيره، وابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٢١٤)، وهو مخرج في الإرواء (٥٢).