وهذا ضِدّ الذي قَبْله؛ فإن ذلك مقصوده التوصلُ إلى إظهار دين الله، ودفع معصيته، وإبطالُ الظلم، وإزالة المنكر.
فهذا لونٌ، وذاك لونٌ آخر.
ومثال ذلك: التأويل في اليمين، فإنه نوعان: نوع لا ينفعه ولا يُخلّصه من الإثم، وذلك إذا كان الحقّ عليه فجحده، ثم حَلفَ على إنكاره متأوّلًا؛ فإن تأويله لا يُسقط عنه إثم اليمين الغموس، والنية للمُسْتَحْلِفِ في ذلك باتفاق المسلمين، بل لو تأوّل من غير حاجة لم ينفعه ذلك عند الأكثرين.
وأما المظلوم المحتاج فإنه ينفعه تأويله، ويُخَلّصه من الإثم، ويكون اليمين على نِيّته.
فإذا استحلفه ظالم بأيمان البَيْعة، أو أيمان المسلمين، فتأوّل الأيمان بجمع يمين وهي اليد.
أو حَلَّفه بأن كلّ امرأة له طالق، فتأوّل أنها طالق من وَثاق، أو طالق عند الولادة، أو طالق من غيري، ونحو ذلك.
أو استحلفه بأن كلّ مملوك له حُرّ أو عَتيق، فتأوّل أنه عفيف أو كريم، من قولهم: فَرَس عتيق.
أو استحلفه بأن تكون امرأته عليه كظَهْر أُمِّه، فتأوّل ظهر أمه بمركوبها.
فإن ضَيّق عليه وألزمه أن يقول: إنه مُظاهر من امرأته؛ تأوّل بأنه قد ظاهر بين ثوبين أو جُبّتين من عند امرأته.
وإن استحلفه بالحرام؛ تأوّل أن الحرامَ الذي حرّمه الله عليه يلزمه تحريمه.