للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه قول البراء بن مَعْرورٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العَقَبة: «لَنَمْنَعنّكَ مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا» (١)، أي نساءنا.

قلت: الآية تعمُّ هذا كله، وتدل عليه بطريق التنبيه واللزوم، إن لم تتناول ذلك لفظًا؛ فإن المأمور به إن كان طهارة القلب فطهارة الثوب وطيب مكسبه تكميل لذلك، فإن خبث الملبس يُكسِبُ القلب هيئةً خبيثة، كما أن خبث المطعمِ يُكسِبه ذلك، ولذلك حَرُمَ لبس جلود النمور والسباع بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك في عدة أحاديث صحاح لا معارض لها (٢)، لما يكتسب القلب من الهيئة المشابهة لتلك الحيوانات، فإن الملابسة الظاهرة تسري إلى الباطن، ولذلك حَرُم لبس الحرير والذهب على الذكور، لما يُكْسِبُ القلب من الهيئة


(١) رواه أحمد (٣/ ٤٦٠)، والطبري في التاريخ (١/ ٥٦٢)، والطبراني في الكبير (١٩/ ٨٧)، من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (٧٠١١)، وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ٥٤): «رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع»، وصححه الألباني في تخريج فقه السيرة (ص ١٤٦).
(٢) من ذلك حديث أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع، رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٣١٤)، وأحمد (٥/ ٧٤، ٧٥)، والدارمي (١٩٨٣، ١٩٨٤)، وأبو داود (٤١٣٢)، والترمذي (١٧٧٠)، والنسائي (٤٢٥٣)، وغيرهم، وصححه ابن الجارود (٨٧٥)، والحاكم (٥٠٧، ٥٠٨)، والنووي في رياض الصالحين (ص ٣٣٥)، وهو في السلسلة الصحيحة (٣/ ٩). ورواه عبد الرزاق (٢١٥)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣١٤)، والترمذي (١٧٧١)، والبزار (٢٣٣٠) عن أبي المليح مرسلاً، قال الترمذي: «هذا أصح». وفي الباب عن علي ومعاوية وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وسمرة والمقدام وثوبان وأبي ريحانة وجعدة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم.