فلهم هيكلٌ كبير للشمس، وهيكلٌ للقمر، وهيكلٌ للزُّهَرَة، وهيكلٌ للمُشْتري، وهيكل للمرّيخ، وهيكلٌ لعُطادر، وهيكلٌ لزُحَل وهيكلٌ للعلة الأولى.
ولهذه الكواكب عندهم عباداتٌ ودعواتٌ مخصوصة، ويصوِّرونها في تلك الهياكل، ويتخذون لها أصنامًا تخصّها، ويقرّبون لها القرابين، ولها صلواتٌ خمسٌ في اليوم والليلة، نحو صلوات المسلمين.
وطوائفُ منهم يصومون شهر رمضان، ويستقبلون في صلواتهم الكعبة، ويعظّمون مكة، ويرون الحجّ إليها، ويُحرّمون الميتة والدم ولحم الخِنزير، ويحرِّمون من القَرابات في النكاح ما يُحَرّمه المسلمون.
وعلى هذا المذهب كان جماعة من أعيان الدولة ببغداد، منهم هلالُ بن المحسن الصابئ صاحب الديوان الإنشائي، وصاحب الرسائل المشهورة، وكان يصوم مع المسلمين، ويُعيِّدُ معهم، ويزَكِّي، ويُحرّم المحرمات، وكان الناس يتعجبون من موافقته للمسلمين، وليس على دينهم.
وأصل دين هؤلاء فيما زعموا: أنهم يأخذون بمحاسن ديانات العالم ومذاهبهم، ويخرجون من قبيح ما هُمْ عليه قولًا وعملًا، ولهذا سُمُّوا صابئة أي: خارجين، فقد خرجوا عن تقيُّدهم بجملة كل دين وتفصيله إلا ما رأوه فيه من الحق.
وكانت كفَّار قريش تُسمّي النبي - صلى الله عليه وسلم - الصابئ، وأصحابَه الصُّبَاةَ.
يقال: صبأ الرجل بالهمز: إذا خرج من شيء إلى شيء، وصبا يصبو: إذا مال، ومنه قوله:{وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}[يوسف: ٣٣]، أي: