للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظير ذلك أن تقول: ما ينبغي لي أن أخدمك متثاقلًا، فإذا أكّدت قلت: من مُتثاقل.

فإن قيل: فقد صَحّت القراءتان لفظًا ومعنًى، فأيّهما أحسن؟

قلت: قراءة الجمهور أحسن وأبلغ في المعنى والمقصود، والبراءة مما لا يليق بهم، فإنهم على قراءة الضم يكونون قد نفوا حُسْنَ اتخاذ المشركين لهم أولياء، وعلى قراءة الجمهور: يكونون قد أخبروا أنهم لا يليقُ بهم، ولا يحسُن منهم أن يتخذوا أولياء من دونه، بل أنت وحدك [١٤٧ ب] وليَّنا ومعبودنا، فإذا لم يحسن بنا أن نُشرك بك شيئًا فكيف يليق بنا أن ندعو عبادك إلى أن يعبدونا من دونك؟

وهذا المعنى أجلّ من الأول وأكبرُ، فتأمَّلْه.

والمقصود أنه على القراءتين، فهذا الجواب من الملائكة ومَنْ عبد من دون الله من أوليائه. وأما كونه من الأصنام فليس بظاهر.

وقد يقال: إن الله سبحانه أنطقها بذلك تكذيبًا لهم، وردًّا عليهم، وبراءةً منهم، كقوله: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة: ١٦٦]، وفي الآية الأخرى: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: ٦٣].

ثم ذكر المعبودون سبب ترك العابدين الإيمان بالله تعالى بقولهم: {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: ١٨].

قال ابن عباس (١): أطلتَ لهم العمر، وأفضلت عليهم، ووسَّعت لهم في الرزق.


(١) انظر البسيط للواحدي (١٦/ ٤٣٧).