فلا عيب على الرجل في محبته لأهله وعشقه لها، إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له من محبة الله ورسوله، وزاحم حبَّه وحبَّ رسوله، فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة، وإن أعانت على محبة الله ورسوله وكانت من أسباب قوتها فهي محمودة.
وكذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الشراب البارد الحلو، ويحب الحلوى والعسل، ويحب الخيل، وكان أحبَّ الثياب إليه القميص، وكان يحب الدُّبَّاء، فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله، بل قد تجمع الهمّ والقلب على التفرغ لمحبة الله، فهذه محبة طبيعية تتبع نيّة صاحبها وقصده بفعل ما يحبه.
فإن نوى به القوة على أمر الله تعالى وطاعته كانت قُرْبة، وإن فعل ذلك بحكم الطبع والميل المجرد لم يُثَبْ ولم يعاقب، وإن فاته درجةُ مَنْ فعله متقربًا به إلى الله.
فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع: محبة الله، ومحبة في الله، ومحبة ما يعين على طاعة الله تعالى واجتناب معصيته.
والمحبَّة الضارة ثلاثة أنواع: المحبة مع الله، ومحبة ما يبغضه الله، ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله تعالى أو تنقصها.