وقوم يعلمون في الباطن أن هذا ليس لله، وإنما يظهرون أنه لله خداعًا ومكرًا وتستُّرًا.
وهؤلاء من وجهٍ أقربُ إلى المغفرة من أولئك، لما يُرْجَى لهم من التوبة، ومن وجهٍ أخبث، لأنهم يعلمون التحريم ويأتون المحرّم. وأولئك قد اشتبه الأمر على بعضهم، كما اشتبه على كثير من الناس أن استماع أصوات الملاهي قربة وطاعة، ووقع في ذلك مَنْ شاء الله من الزهّاد والعُبّاد، وكذلك اشتبه على من هو أضعف علمًا وإيمانًا أن التمتع بعشق الصور ومشاهدتها ومعاشرتها عبادة وقُربة.
القسم الثالث: مقصودهم الفاحشة الكبرى، فتارة يكونون من أولئك الضالِّين، الذين يعتقدون أن هذه المحبة التي لا وَطْء فيها لله تعالى، وأن الفاحشة معصية، فيقولون: نفعل شيئًا لله تعالى، ونفعل أمرًا لغير الله تعالى، وتارة يكونون من أهل القسم الثاني الذين يظهرون أن هذه المحبة لله، وهم يعلمون أن الأمر بخلاف ذلك، فيجمعون بين الكذب والفاحشة.
وهم في هذه المخادنة والمواخاة مُضاهِئون للنكاح، فإنه يحصل بين هذين من الاقتران والازدواج والمخالطة نظير ما يحصل بين الزوجين، وقد يزيد عليه تارة في الكَمّ والكيف، وقد ينقص عنه، وقد يحصل بينهما من الاقتران ما يشبه اقتران المتواخيين المتحابَّين في الله، لكن الذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله، فإن المتحابَّين في الله يعظم تحابُّهما ويقوى ويثبت، بخلاف هذه المواخاة والمحبة الشيطانية.
ثم قد يشتدُّ بينهما الاتصال حتى يسمُّونه زواجًا، ويقولون: تزوّج فلان بفلان، كما يفعله المستهزئون بآيات الله تعالى ودينه من مُجَّان الفسقة،