للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخلَّصها منه قهرًا، فإنه قد تعيَّن حقُّه في هذه العين، بخلاف صاحب الدَّين، فإن حقَّه لم يتعين في تلك العين التي يريد أن يستوفي منها، ولأنه لا يتكتّم بذلك، ولا يستخفي به، كما يفعل الخائن، بل يكابر صاحب اليد العادية ويغالبه، ويستعين عليه بالناس، فلا يُنسب إلى خيانة، والأول متكتِّم مُسْتخفٍ، متصورٌ بصورة خائن وسارق، فإلحاق أحدهما بالآخر باطل، والله أعلم.

فصل

القسم الخامس من الحيل: أن يقصد حِلَّ ما حرّمه الشارع، أو سقوط ما أوجبه، بأن يأتي بسبب نَصَبه الشارع سببًا إلى أمرٍ مباح مقصود، فيجعله المحتال المخادع سببًا إلى أمر محرم مقصودٍ اجتنابُه.

فهذه هي الحيلُ المحرمة التي ذَمَّها السلف، وحَرّموا فعلها وتعليمها.

وهذا حرام من وجهين: من جهة غايته، ومن جهة سببه:

أما غايته: فإن المقصود به إباحة ما حرّمه الله ورسوله، وإسقاط ما أوجبه.

وأما من جهة سببه: فإنه اتخذ آيات الله هُزُوًا، وقصد بالسبب ما لم يُشْرَعْ لأجله، ولا قصده به الشارعُ، بل قصد ضدَّه، فقد ضادّ الشارع في الغاية، والحكمة، والسبب جميعًا.

وقد يكون أصحابُ القسم الأول من الحيل أحسنَ حالًا من كثير من أصحاب هذا القسم؛ فإنهم يقولون: إن ما نفعله حرام وإثم ومعصية، ونحن أصحاب تحيُّل بالباطل، عُصاة لله ورسوله، مخالفون لدينه.