فسافر إلى الشام في تجارة لخديجة، واجتمع بأحبار اليهود، وقص عليهم أحلامه، فعلموا أنه صاحب دولة، فأصحبوه عبد الله بن سلام، فقرأ عليه علوم التوراة وفقهها مدّة، ونسبوا الفصاحة والإعجاز الذي في القرآن إلى عبد الله بن سلام، وأن من جملة ما قرره عبد الله بن سلام:[١٧٣ أ] أن الزوجة لا تحل للمطلق ثلاثًا إلا بعد أن ينكحها رجلٌ آخر، ليجعل أولاد المسلمين أولاد زنى.
ولا ريب أن مثل هذا البَهْت يروجُ على كثير من حَميرهم!
وقد خلق الله تعالى لكلّ باطلٍ وبَهْتٍ حَمَلةً، كما للحق حملة، وليس وراء هذا البهت بَهْتٌ.
وليس بمستنكر لأمّة قدحَت في معبودها وإلهها، ونَسَبَتْهُ إلى ما لا يليق بعظمته وجلاله، ونسبت أنبياءه إلى ما لا يليق بهم، ورمتهم بالعظائم، أن يَنْسُبوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك.
وعدواته لهم، وملاحِمُه فيهم، وإجلاؤه لهم من ديارهم وأموالهم، وسَبْيُ ذراريهم ونسائهم: معلوم غير مجهول.
وقد نسبت هذه الأمة الغضبية عيسى ابن مريم إلى أنه ساحر، وَلَدُ غيَّة، ونسبت أمّه إلى الفجور.
ونسبت لوطًا إلى أنه وطئ ابنتيه، وأولدَهما وهو سكران من الخمر.
ونسبوا سليمان عليه السلام إلى أنه كان ملكًا ساحرًا، وكان أبوه عندهم ملكًا مسيحًا.
ونسبوا يوسف الصِّدِّيق عليه السلام إلى أنه حَلّ تِكّة سراويله وتِكّة