للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلق إلى الله تعالى، وأبغضهم له، مع ظَنّه أنه قائمٌ بحق [١٣٣ أ] الإيمان، وشرائع الإسلام، وأنه من خواصّ أوليائه وحِزْبه.

بل ما أكثر من يتعبّدُ لله بما حَرّمه الله عليه، ويعتقد أنه طاعةٌ وقُرْبَة! وحالُه في ذلك شرٌّ من حالِ مَنْ يعتقد ذلك معصيةً وإثمًا، كأصحاب السماع الشِّعري الذي يتقربون به إلى الله تعالى، ويظنّون أنهم من أولياء الرحمن، وهم في الحقيقة من أولياء الشيطان.

وما أكثر مَنْ يعتقد أنه هو المظلوم المُحِقُّ من كل وجه، ولا يكون الأمر كذلك، بل يكون معه نوعٌ من الحقّ ونوعٌ من الباطل والظلم، ومع خَصمه نوعٌ من الحقّ والعدل، وحُبُّك الشيء يُعمي ويُصِمّ.

والإنسان مجبولٌ على حُبِّ نفسه، فهو لا يرى إلا محاسنها، ومُبْغِضٌ لخصمه، فهو لا يرى إلا مساوئه، بل قد يَشْتَدّ به حُبّه لنفسه، حتى يرى مساوئها محاسن، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَأَىهُ حَسَنًا} [فاطر: ٨]، ويشتد به بغضُ خصمه حتى يرى محاسنه مساوئ، كما قال:

نظَرُوا بِعَيْنِ عَدَاوَةٍ وَلَوَ انَّهَا ... عَيْنُ الرِّضَا لاسْتَحْسَنُوا مَا اسْتَقْبَحُوا (١)

وهذا الجهل مقرون بالهوَى والظلم غالبًا، فإن الإنسان ظلومٌ جهولٌ.

وأكثر ديانات الخلق إنما هي عاداتٌ أخذوها عن آبائهم وأسلافهم، وقلَّدوهم فيها، في الإثبات والنفي، والحبّ والبغض، والموالاة والمعاداة.

والله سبحانه إنما ضَمِنَ نصر دينه وحِزْبه وأوليائه بدينه علمًا وعملًا، لم


(١) البيت للشريف الرضي في «ديوانه» (١/ ٢٦٠). قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الحاشية ليست (هكذا) في المطبوع. وتم التصويب من الأصل الوارد من «عطاءات العلم» جزاهم الله خيرا