وقال زاذان (١): قال علي رضي الله عنه، يعني وقد رأى مبادئ الحيل: إنى أراكم تحلون أشياء قد حرَّمها الله، وتحرّمون أشياء قد أحلَّها الله.
قلت: ومَن تأمل الشريعة، ورُزق فيها فقه نَفْسٍ، رآها قد أبطلت على أصحاب الحيل مقاصدهم، وقابلتهم بنقيضها، وسَدّت عليهم الطرق التي فتحوها للتحيّل الباطل.
فمن ذلك: أن الشارع منع المتحيِّل على الميراث بقتل مُوَرِّثه ميراثَه، ونقله إلى غيره دونه لمَّا احتال عليه بالباطل.
ومن ذلك: بطلان وصية الموصَى له بمال، إذا قَتَل الموصِي.
ومن ذلك: بطلانُ تدبير المُدَبَّر، إذا قَتلَ سَيدَه ليُعجِّلَ العتقَ.
ومن ذلك: تحريمُ المنكوحة في عِدَّتها على الزوج تحريمًا مُؤبّدًا: عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومالك، وإحدى الروايتين عن أحمد، لمّا احتال على وَطئها بصورة العقد المحرّم.
ومن ذلك: ما لو احتالَ المريضُ على منع امرأته من الميراث بطلاقها، فإنها تَرِثه مادامت في العِدّة عند طائفة، وعند آخرين: ترثه وإن انقضت عِدّتُها ما لم تتزوج، وعند طائفة: تَرِثُ وإن تزوجت.
ومن ذلك: بُطلان إقرار المريض لوارثه بمال، لأنه يَتخذُه حيلةً على الوصيّة له.