وهذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه نَفيًا ونَهيًا هو أصل شرك العالم وعبادة الأصنام، ولهذا نَهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجُدَ أحدٌ لمخلوق مثله (١)، أو يحلف بمخلوق، أو يُصلّي إلى قبرٍ، أو يتخذ عليه مسجدًا، أو يُعلّق عليه قنديلًا، أو يقول القائل: ما شاء الله وشاء فلان، ونحو ذلك، حذرًا من هذا التشبيه الذي هو أصلُ الشرك.
أما إثبات صفات الكمال فهو أصل التوحيد.
فتبين أن المشبّهة هم الذين يُشَبّهون المخلوق بالخالق في العبادة، والتعظيم، والخضوع، والحَلِف به، والنّذْر له، والسجود له، والعُكوف عند بيته، وحلق الرأس له، والاستغاثة به، والتشريك بينه وبين الله في قولهم: ليس لي إلا الله وأنت، وأنا مُتّكلٌ على الله وعليك، وهذا من الله ومنك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما شاء الله وشئت، وهذا لله ولك، وأمثال ذلك.
فهؤلاء هم المشبِّهة حقًّا، لا أهل التوحيد المثبتون لله ما أثبت لنفسه، والنافون عنه ما نفاه عن نفسه، الذين لا يجعلون له ندًّا من خلقه، ولا عدلًا، ولا كُفؤًا، ولا سَمِيًّا، وليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع.
(١) كما في حديث: «ما ينبغي لأحد أن يسجدَ لأحد ... » رواه الترمذي (١١٥٩) والبزار (٨٠٢٣) والبيهقي في الكبرى (٧/ ٢٩١) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وصححه ابن حبان (٤١٦٢) واللفظ له، وحسنه الهيثمي في المجمع (٨/ ٥٦١)، والألباني في الإرواء (١٩٩٨). وفي الباب عن أنس بن مالك وجابر وأبي واقد ومعاذ بن جبل وعبد الله بن أبي أوفي وبريدة وقيس بن سعد وابن عباس وسراقة بن مالك وزيد بن أرقم وصهيب وغيلان بن سلمة وعصمة بن مالك وعائشة وغيرهم.