وأنهم هم أهل النار الذين لا يخرجون منها، وهم الذين حَلّت بهم المَثُلاتُ، ونزلت بهم العقوبات، وأن الله سبحانه بريء منهم هو وجميع ملائكته، وأنه سبحانه لا يغفرُ لهم، ولا يقبل لهم عملًا. وهذا معلوم بالضرورة من الدِّين الحنيف.
وقد أباح الله عز وجل لرسوله وأتباعه من الحنفاء دماءَ هؤلاء، وأموالهم، ونساءهم، وأبناءهم، وأمَرَهُمْ بتطهير الأرض منهم حيث وُجِدوا، وذَمَّهم بسائر أنواع الذمّ، وتوعدهم بأعظم أنواع العقوبة، فهؤلاء في شِقٍّ، ورسل الله تعالى كلهم في شِقٍّ.
فصل
ومن أسباب عبادة الأصنام: الغلوّ في المخلوق، وإعطاؤه فوقَ منزلته، حتى جُعل فيه حَظّ من الإلهية، وشبّهوه بالله سبحانه وتعالى، وهذا هو التشبيه الواقعُ في الأمم، الذي أبطله الله سبحانه، وبعثَ رُسله، وأنزل كتبه بإنكاره والرد على أهله.
فهو سبحانه يَنْفي وينهى أن يُجعل غيرُه مِثْلًا له، ونِدًّا له، وشبْهًا له، لا أن يُشَبَّه هو بغيره، إذ ليس في الأمم المعروفة أمة جعلته سبحانه مِثلًا لشيء من مخلوقاته، فجعلت المخلوق أصلًا وشَبَّهتْ به الخالق، فهذا لا يُعرفُ في طائفة من طائفة بني آدم. وإنما الأولُ هو المعروف في طوائف أهل الشرك، غُلوًّا فيمن يُعظِّمونه ويحبُّونه، حتى شبَّهوه بالخالق، وأعطوه خصائص الإلهية، بل صرّحوا أنه إله، وأنكروا جَعْلَ الآلهة إلهًا واحدًا، وقالوا:{وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}[ص: ٦]، وصرحوا بأنه إله معبود، يُرجَى ويُخافُ،