للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتنوعات، زيادةً في هداية المهتدي، وإعذارًا وإنذارًا للضلَّال.

ومنها: أنه لا ينبغي مقابلة أمر الله تعالى بالتعنّت، وكثرة الأسئلة، بل يُبادر إلى الامتثال فإنهم لما أُمروا أن يذبحوا بقرة كان الواجب عليهم أن يبادروا بالامتثال بذبح أيّ بقرة اتفقت فإن الأمر بذلك لا إجمال فيه ولا إشكال، بل هو بمنزلة قوله: أعْتِقْ رَقَبَةً، وأطعم مسكينًا، وصُمْ يومًا، ونحو ذلك.

ولذلك غلط من احتج بالآية على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب فإن الآية غنيّة عن البيان المنفصل، مبيَّنة بنفسها، ولكن لما تعنّتوا وشدَّودا شُدِّد عليهم.

قال أبو جعفر ابن جرير (١)، عن الربيع، عن أبي العالية: لو أن القوم حين أُمروا أن يذبحوا بقرة استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها لكانت إيّاها، ولكنهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم.

ومنها: أنه لا يجوز مقابلة أمر الله الذي لا يَعْلَمُ المأمورُ به وَجْه الحكمة فيه بالإنكار، وذلك نوع من الكفر فإن القوم لما قال لهم نبيهم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} قابلوا هذا الأمر بقولهم: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا}، فلما لم يعلموا وجه الحكمة في ارتباط هذا الأمر بما سألوه عنه قالوا: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا}، وهذا من غاية جهلهم بالله ورسوله فإنه أخبرهم عن أمر الله لهم بذلك، ولم يكن هو الآمر به ولو كان هو الآمر به لم يَجُزْ لمن آمن بالرسول


(١) جامع البيان (١١٧٣، ١٢٤٣).