للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتوسّل إليه سبحانه بربوبيته العامة والخاصة لهؤلاء الأملاك الثلاثة الموكلين بالحياة: فجبريل موكّل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل موكّل بالقَطْر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان، وإسرافيل موكّل بالنفخ في الصّور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم.

فسأله رسوله بربوبيته لهؤلاء أن يهديَهُ لما اختُلف فيه من الحقّ بإذنه في ذلك من الحياة النافعة.

وقد أثنى الله سبحانه على عبده جبريل في القرآن أحسنَ الثناء، ووصفه بأجمل الصفات، فقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١) (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: ١٥ ـ ٢١]، فهذا جبريل، فوصفه بأنه رسوله، وأنه كريم عنده، وأنه ذو قوة ومكانةٍ عند ربه سبحانه، وأنه مطاع في السماوات، وأنه أمين على الوحي.

فمن كرمه على ربه أنه أقرب الملائكة إليه.

قال بعض السلف (٢): منزلته من رَبِّهِ منزلة الحاجب من الملِك.

ومن قوته: أنه رفع مدائن قوم لوط [١١٩ ب] على جناحه، ثم قلبها عليهم، فهو قويّ على تنفيذ ما يؤمر به، غير عاجز عنه، إذ تطيعه أملاك السماوات فيما يأمرهم به عن الله تعالى.


(١) في جميع النسخ: «فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون، إنه لقول رسول كريم ... » وهو خطأ ظاهر.
(٢) هو خالد بن أبي عمران، كما في الدر المنثور (١/ ٤٩٤)، ولكن الكلام عن إسرافيل.