للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تفاوته بحسب الفاعل: فالزنى من الحرّ أقبح منه من العبد، ولهذا كان حَدّه على النصف من حدِّه، ومن المحصَن أقبحُ منه من البِكْر، ومن الشيخ أقبحُ منه من الشاب، ولهذا كان أحدَ الثلاثة الذين لا يُكَلّمهم الله يوم القيامة ولا يُزكّيهم ولهم عذاب أليم: الشيخ الزاني (١)، ومن العالم أقبح منه من الجاهل، لعلمه بقبحه وما يترتب عليه، وإقدامه على بصيرة، ومن القادر على الاستغناء عنه أقبح من الفقير العاجز.

فصل

ومما ينبغي أن يُعلم: أنه قد يقترن بالأيسر إثمًا ما يجعله أعظم إثمًا ممَّا هو فوقه.

مثاله: أنه قد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب بالمعشوق، وتألُّهه له وتعظيمه، والخضوع له، والذل له، وتقديم طاعته وما يأمر به على طاعة الله تعالى ورسوله وأمره، فيقترن بمحبة خِدْنه وتعظيمه، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، ومحبة ما يحبه، وكراهة ما يكرهه، ما قد يكون أعظم ضررًا على صاحبه من مجرَّد ركوب الفاحشة.

فإن المحبوبات لغير الله قد أثبتَ الشارعُ فيها اسم التعبُّد، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح: «تَعِسَ عبد الدينار، تعس عبد الدراهم، تعس عبد القطيفة، [١٢٥ أ] تعس عبد الخميصة، تعس وانتكَسَ، وإذا شِيكَ فلا انتَقَشَ، إن أُعطيَ رضيَ، وإن مُنِع سخط». رواه البخاري (٢).


(١) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم (١٠٧).
(٢) برقم (٢٨٨٦، ٢٨٨٧) عن أبي هريرة.