للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان إلى الهلاك:

أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، وربما استحكم فيه هذا المرض، حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلًا والباطل حقًا.

الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وانقياده للهوى واتباعه له.

وقلب أبيض، قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وكرهَها (١)، فازداد نوره وإشراقه وقوَّته [٤ أ].

والفتن التي تُعرَض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، وفتن الغي والضلال، وفتن المعاصي والبدع، وفتن الظلم والجهل؛ فالأولى توجب فساد القصد والإرادة، والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد.

وقد قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة، كما صح عن حذيفة بن اليمان قوله: القلوب أربعة: قلب أجْردُ، فيه سراج يُزهرُ؛ فذلك قلب المؤمن. وقلب أغلفُ؛ فذلك قلب الكافر. وقلب منكوس؛ فذلك قلب المنافق، عَرف ثم أنكر، وأبصر ثم عَميَ. وقلب تمُدّه مادتان: مادة إيمان، ومادة نفاق؛ وهو لما غلب عليه منهما (٢).


(١) في بعض النسخ: "وردّها".
(٢) رواه ابن المبارك في الزهد (١٤٣٩)، وابن أبي شيبة (٦/ ١٦٨، ٧/ ٤٨١)، وعبد الله ابن أحمد في السنة (٨٢٠)، وابن جرير في تفسيره (٢/ ٣٢٥)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٧٦)، من طرق عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة رضي الله عنه، وهذا إسناد منقطع. ينظر: السلسلة الضعيفة (٥١٥٨).