للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجاه دون ما يحصلُ للمؤمنين بكثير، بل باطن ذلك ذُلٌّ وكسرٌ وهوانٌ، وإن كان في الظاهر بخلافه.

قال الحسن (١) رحمه الله: إنهم وإن هَمْلَجتْ بهم البغالُ، وطَقْطَقَت بهم النِّعال، إنّ ذلّ المعْصية لفي قلوبهم، أبَى اللهُ إلا أن يُذِلّ مَنْ عصاه.

الأصل السادس: أن ابتلاء المؤمن كالدّواء له يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته، أو نقصَت ثوابه، وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاءُ والامتحانُ منه تلك الأدواء، ويستعدُّ به لتمام الأجر وعلوّ المنزلة. ومعلوم أن وجود هذا خير للمؤمن من عدمه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لا يَقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سَرّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيرًا له» (٢).

فهذا الابتلاء والامتحان من تمام نصره وعزِّه وعافيته، ولهذا كان «أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأقرب إليهم فالأقرب، يُبتلى المرءُ على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة شُدّد عليه البلاء، وإن كان في دينه رِقَّة خُفِّف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن، حتى يمشي على وجه الأرض وما عليه خطيئة» (٣).

الأصل السابع: [١٣٥ أ] أن ما يصيب المؤمنَ في هذه الدار من إدالة عَدوِّه عليه، وغلبته له، وأذاه له في بعض الأحيان، أمرٌ لازم لابدَّ منه، وهو


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٩٩) عن صهيب.
(٣) هذا لفظ الحديث الذي أخرجه الترمذي (٢٣٩٨)، وابن ماجه (٤٠٢٣) وغيرهما عن سعد بن أبي وقاص. وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم. وانظر: فتح الباري (١٠/ ١١١).