للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم -: أن الصلاة عند القبور منهيّ عنها، وأنه لَعن من اتخذها مساجد، فمِنْ أعظم المحدثات وأسباب الشّرك: الصلاةُ عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، فقد تواترت النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه، فقد صرّح عامة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها، متابعةً منهم للسنة الصحيحة الصريحة.

وصرَّح أصحاب أحمد وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريم ذلك، وطائفة أطلقت الكراهة، والذي ينبغي أن يحمل على كراهة التحريم؛ إحسانًا للظن بالعلماء، وأن لا يُظَنّ بهم أن يُجوّزوا فعل ما تواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنُ فاعله، والنهي عنه.

ففي «صحيح مسلم» (١) عن جُندَب بن عبد الله البَجلي، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إني أبرأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليل؛ فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت مُتخذًا من أمتي خليلاً لاتخذتُ أبا بكر خليلاً، ألا وإن مَنْ كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد؛ [٥٣ أ] ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك».

وعن عائشة وعبد الله بن عباس، قالا: لما نُزِل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطرحُ خَمِيصةً له على وجهه، فإذا اغْتَمّ كشفها، فقال وهو كذلك: «لعنةُ الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؛ يُحذّر ما صنعوا. متفق عليه (٢).


(١) برقم (٥٣٢).
(٢) البخاري (٤٣٥)، ومسلم (٥٣١).