للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قيل في بعضهم (١): [١٠٨ أ]

لَهُ نِصْفُ بَيْتِ المالِ فَرْضٌ مُقَرَّرٌ ... وَفي سُدُسِ التَّكْمِيلِ يَسْعَى لِيَخْلُصَا

مِنَ القَوْمِ مَنْ لَمْ يَثْنِهِمْ عَنْ مُرَادِهِمْ ... عُقُوبةُ سُلْطَانٍ بِسَوْطٍ وَلا عَصَا

فصل

وقد عُرف بما ذكرنا الفرقُ بين الحيل التي تخلّص من الظلم والبغي والعدوان، والحيل التي يُحتال بها على إباحة الحرام وإسقاط الواجبات، وإن جمعهما اسمُ الحيلة والوسيلة.

وعُرف بذلك أن العِينة لا تخلّص من الحرام، وإنما يُتوسّل بها إليه، وهو المقصود الذي اتفقا عليه، ويعلمه الله تعالى من نفوسهما، وهما يعلمانه، ومَنْ شاهدهما يعلمه.

وكذلك تمليكُ مالِهِ لولده عند قُرْب الحوْلِ فرارًا من الزكاة، لا يُخلّص من الإثم، بل يغمسه فيه؛ لأنه قَصَدَ إلى إسقاط فرض قد انعقد سببه.

ولكن عُذْر من جوّز ذلك: أنه لم يُسقِطِ الواجب، وإنما أسقط الوجوب، وفرقٌ بين الأمرين؛ فإن له أن يمنع الوجوبَ، وليس له أن يمنع الواجب.

وهكذا القولُ في التحيُّل على إسقاط الشّفعة قبل البيع؛ فإنه يمنع وجوبَ الاستحقاق، ولا يمنع الحقّ الذي وجب بالبيع، فذلك لا يجوز، وهو نظير منع الزكاة بعد وجوبها، فذلك لا يجوز بحيلة ولا غيرها.

وكذلك التحيُّل على منع وجوب الجمعة عليه، بأن يسكن في مكانٍ لا


(١) لم أجد البيتين فيما بين يديّ من المصادر.