للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلومٌ فضلُ هذا الغذاء والشراب على غيرهما من الأغذية والأشربة.

وكان مع ذلك يتفجّر لهم من الحجر اثنتا عشرة عينًا من الماء، فطلبوا الاستبدال بما هو دون ذلك بكثير، فذُمّوا على ذلك.

فكيف بمن استبدل الضلال بالهدى، والغي بالرشاد، والشّرك بالتوحيد، والسنة بالبدعة، وخدمة الخالق بخدمة المخلوق، والعيش الطيب في المساكن الطيبة في جوار الله تعالى بحظّه من العيش النكد الفاني في هذه الدار؟

فصل

ومن تلاعبه بهم: أنهم لما عُرضت عليهم التوراة لم يقبلوها، وقد شاهدوا من الآيات ما شاهدوه، حتى أمر الله سبحانه جبريل، فقلع جبلًا من أصله على قَدْرهم، ثم رفعه فوق رؤوسهم، وقيل لهم: إن لم تَقْبلوها ألقيناه عليكم، فقبلوها كرهًا.

قال الله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٧١].

قال عبد الله بن وهب: قال ابن زيد (١): لما رجع موسى من عند ربه بالألواح قال لبني إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله، وأمرُهُ الذي أمرَكم به، ونهيُه الذي نهاكم عنه، فقالوا: ومَنْ يأخذ بقولك أنت؟ لا والله، حتى نَرَى الله جَهْرَة، حتى يَطْلُعَ الله علينا، فيقول: هذا كتابي فخذوه، فما له لا يكلِّمنا كما كلَّمك أنت يا موسى! فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ فجاءت غضبة


(١) رواه الطبري في تفسيره (٩٥٩، ١١١٥).