على مذهب هؤلاء: ابن سَبْعِين، وابن هُود، وأضرابهما.
والنبوة عند هؤلاء صنعةٌ من الصنائع، بل من أشرف الصنائع، كالسياسة، بل هي سياسة العامة، وكثير منهم لا يرضى بها، ويقول: الفلسفة نُبُوّةُ الخاصة، والنبوة فلسفة العامة.
وأما الإيمان باليوم الآخر فهم لا يُقرُّون بانفطار السماوات، وانتثار الكواكب، وقيامة الأبدان، ولا يُقرُّون بأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأوجد هذا العالم بعد عدمه.
فلا مبدأ عندهم، ولا معاد، ولا صانع، ولا نبوة، ولا كتب نزلت من السماء، تكلم الله بها، ولا ملائكة تنزّلت بالوحي من الله تعالى.
فدين اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خير من دين هؤلاء.
وحَسْبك جهلًا بالله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله من يقول: إنه سبحانه لو علم الموجودات لَحِقَه الكَلُّ والتعب، واستكمل بغيره.
وحسبك خذلانًا وضلالًا وعمًى: السير خلف هؤلاء، وإحسان الظن بهم، وأنهم أولو العقول.
وحسبك عجبًا من جهلهم وضلالهم: ما قالوه في سلسلة الموجودات، وصدور العالم عن العقول والنفوس، إلى أن أَنْهَوا صدور ذلك إلى واحد من كل جهة، لا علم له بما صدر عنه، ولا قدرة له عليه، ولا إرادة، وأنه لم يصدر عنه إلا واحد.
فذلك الصادر إن كان فيه كثرة بوجه ما فقد بطل ما أصَّلوه، وإن لم يكن فيه كثرة البتة لزم أن لا يصدر عنه إلا واحد مثله.