أن يبيعه بالثمن، ثم يبتاع به منه، فهو بيعتان في بيعة، فلا يكون داخلًا في الحديث؛ إذ المنهي عنه لا يتناوله المأذون فيه.
يبيِّن ذلك:
الوجه الخامس: وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:«بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا»، وهذا يقتضي بيعًا يُنشئه ويبتدئه بعد انقضاء البيع الأول، ومتى واطأه من أول الأمر على أن أبيعك وأبتاع منك فقد اتفقا على العقدين معًا، فلا يكون داخلًا في حديث الإذن، بل في حديث النهى.
الوجه السادس: أنه لو فرض أن في الحديث عمومًا لفظيًّا فهو مخصوص بصور لا تعدّ؛ فإن كل بيع فاسد فهو غير داخل فيه، فتضعُفُ دلالته، وتُخَصُّ منه الصورة التي ذكرناها بالأدلة التي هي نصوص، أو كالنصوص؛ فإخراجها من العموم أسهل الأشياء وبالله التوفيق.
فصل
وقد تبين بهذا بطلان الاستدلال على جواز الحيل الباطلة، بقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ}[البقرة: ٢٨٢]، وأن هذا يتناول صورة العِينة وغيرها؛ فإن المتبايعَيْنِ يُديران السلعة بينهما.