للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى «الصحيح» (١) أيضًا عنه - صلى الله عليه وسلم -: «من ادّعى ما ليس له فليس منّا، وليتبوأ مقعده من النار».

فلا يجوز لأحدٍ حاكمٍ ولا غيره أن يُساعد من ادّعى ما يشهدُ الحِسّ والعُرف والعادة أنه ليس له، وأن دعواه كاذبة، ففي سماع دعواه وإحضار المدَّعَى عليه وإحلافه أعظم مساعدة ومعاونة على ما يُكذّبه الحِسّ والعادة.

ثم كيف يسع الحاكمَ أن يقبل قول المرأة إنها هي التي كانت تُنفقُ على نفسها، وتكسو نفسها هذه المدة كلَّها، مع شهادة العُرف والعادة المطّردة بكذبها؛ ولا يقبلُ قول الزَّوج إنه هو الذي كان ينفقُ عليها ويكسوها، مع شهادة العرف والعادة له، ومشاهدة الجيران وغيرهم له: أنه كلّ وقت يُدخلُ إلى بيته الطعام والشراب والفاكهة، وغير ذلك؟ فكيف يُكذّبُ من معه مثل هذه الشهادة، ويقبل قول من يكذبُ دعواه ذلك؟

وكيف يمكن الزوج أن يتخلّص من مثل هذا البلاء الطويل، والخَطْب الجليل، إلا بأن يشهد كلّ يوم بُكرةً وعَشِيّة شاهديْ عَدْل على الإنفاق وعلى الكُسْوة، أو يفرض لها كل شهر دراهم معلومة، يُقبضها إياها بإشهاد؟

ثم إما أن يمكِّنها أن تخرج من بيته كلَّ وقت تشتري لها ما يقوم بمصالحها، أو يتصدَّى هو لخدمتها وشراء حوائجها، فيكون هو المعَاشَر (٢) الأسير المملوك (٣)، وهي المالكة الحاكمة عليه.


(١) مسلم (٦١) عن أبي ذر.
(٢) في بقية النسخ: «العاني».
(٣) في أكثر النسخ: «المالك». والمثبت من ح.