للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه، كما أن القصد والنية في العبادات تجعلها كذلك.

وشواهد هذه القاعدة كثير ة جدًّا في الكتاب والسنة:

فمنها: قوله تعالى في آية الرجعة: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]، وذلك نصّ في أن الرجعة إنما تثبت لمن قصد الصلاح دون الضّرار؛ فإذا قصد الضرار لم يُمَلّكْه الله الرجعة.

ومنها: قوله تعالى في آية الخلع: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، وهذا دليل على أن الخُلعَ المأذون فيه إنما هو إذا خافَ الزوجان أن لا يُقيما حدود الله، وأن النكاح الثاني إنما يُباح إذا ظنّا أن يُقيما حدود الله؛ فإنه شرط في الخلع خوف عدم إقامة حدوده، وشرط في العَوْد ظنَّ إقامة حدوده.

ومنها: قوله تعالى في آية الفرائض: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢]؛ فإنه سبحانه وتعالى إنما قدّم على الميراث وَصِية مَنْ لم يُضارَّ الورثة بها، فإذا كانت الوصية وصية ضرار؛ كانت حرامًا، وكان للوارث إبطالها، وحرم على الموصَى له أخذ ذلك بدون رِضَا الورثة [٨٣ ب]، وأكد سبحانه ذلك بقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩].

وتأمل كيف ذكر سبحانه وتعالى الضرار في هذه الآية دون التي قبلها؛ لأن الأُولى تضمنت ميراث العمودين، والثانية تضمنت ميراث الأطراف من الزوجين، والإخوة، والعادة أن الميت قد يُضارّ زوجه وإخوته، ولا يكاد يضارّ والديه وولده.