للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن يُظهر أنه يريدُ سفرًا، وأنه يريد أن يجعلَ لها شيئًا من ماله، وأن الاحتياط أن يجعله صَداقًا بعقْدٍ يُظْهِرُه.

ومنها: أن يُظهر مرضًا، وأنه يريدُ أن يُقِرّ لها بمال، أو يُوصي لها به، وأن ذلك لا يتم، والأحوطُ أن يُظهر عَقْدَ نكاحٍ، وجعل ذلك صداقًا فيه.

فإن قيل: إذا بانت منه ملكتْ نفسها، ولم يصح نكاحُها إلا برضاها، ولعلّها لو علمت الحال لم ترضَ بالنكاح الثاني.

قيل: رضاها بتجديد النكاح (١) للغرض (٢) الذي يُريده يتضمنُ رضاها بالنكاح، وهي لو هَزَلَتْ بالإذن صحّ إذنها، وصحّ النكاح، مع أنها لم تقصده، كما لو هَزَلَ الزوجُ بالقبول صح نكاحُهُ، وهاهنا قد قصدت بقاء النكاح، ورضيت به، فهو أولى بالصحة.

فإن قيل: فالرجل قاصد إلى النكاح، والمرأة غير قاصدة له.

قيل: بل قصدت إلى تجديد نكاح يتم به غرضها، فلم تخرج بذلك عن القصد والرِّضا.

ولو قال رجل لرجل هَزْلًا ومِزاحًا: زوّجْني ابنَتك على مئة درهم، أو قال: زوِّجني مُولِيتَك، وهي تسمع، فقال له مزاحًا وهزلًا قد زوجتكها، انعقدَ النكاح، وحَلَّ له وطؤها، لحديث أبي هريرة الذي رواه أهل «السنن» (٣)، عن


(١) في بقية النسخ: «العقد».
(٢) ث: «للعوض».
(٣) رواه أبو داود (٢١٩٦)، والترمذي (١١٨٤)، وابن ماجه (٢٠٣٩)، والطحاوي في شرح المعاني (٤٢٩٧ ــ ٤٢٩٩)، والدارقطني (٣/ ٢٥٦، ٢٥٧، ٤/ ١٨، ١٩)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٣٤٠)، وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن ماهك عن أبي هريرة، قال الترمذي: «حسن غريب»، وصححه ابن الجارود (٧١٢)، والحاكم (٢٨٠٠)، وابن دقيق العيد في الإلمام (١٣٣٤)، قال الذهبي: «عبد الرحمن بن حبيب فيه لين»، وضعف إسناده ابن الملقن في البدر المنير (٨/ ٨٢)، وحسنه بشواهده الألباني في الإرواء (١٨٢٦). وفي الباب عن عبادة بن الصامت وفضالة بن عبيد وأبي ذر وأبي الدرداء وعن الحسن مرسلًا. وقد أبعد من بالغ وزعم أنه مكذوب.