فنصَّ أحمد على صحته، تبعًا لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما (١)، ووافقه إسحاق، ومنعه أكثرهم.
ووجه الخلاف: أن في هذا العقد شائبة الوكالة والإجارة والمضاربة، فمن رَجّح جانب الوكالة صَحّح العقد، ومن رجح جانب الإجارة أو المضاربة أبطله؛ لأن الأجرة والربح الذي جُعل له مجهول.
والصحيح الجواز؛ لأن العَشَرَة تَجْري مجرى رأس المال في المضاربة، وما زاد فهو كالربح، فإذا جعله كلّه له كان بمنزلة الإبضاع، إذا دَفع إليه مالًا يُضارب به، وقال: ما رَبِحْتَ فهو لك، فليس العقدُ من باب الإجارات، بل هو بالمشاركات أشبه.
فإن خاف أن يَرْفعه إلى حاكم يرى بطلانه:
فالحيلة في ذلك: أن يقول: وكَّلتك في بيعه بعشرة، فإن بِعْته بأكثر فلا حقّ لى في الزيادة، فيصح هذا، وتكون الزيادة للوكيل.
المثال الحادي والسبعون: قال الإمام أحمد رضي الله عنه في رواية مُهنَّا: لا بأس أن يحْصُد الزّرْعَ ويصرم النّخْلَ بسُدُس ما يخرجُ منه، وهو أحب إلي من المقاطعة.
يعني: أن يقاطعه على كيل مُعَيَّن، أو دراهم أو عروض.
(١) علَّقه البخاري عنه بصيغة الجزم في كتاب الإجارة: باب أجر السمسرة. ووصله عبد الرزاق (٨/ ٢٣٤) وأبو عبيد في غريب الحديث (٤/ ٢٣٢) ــ ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٢١) ــ وابن أبي شيبة (٤/ ٣٠٢) عن هشيم حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس.